من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
أخبار الآحاد
49632 مشاهدة
الفصل الثاني طرق معرفة أهلية الراوي

لما كانت أهلية الراوي شرطا في قبول خبره، توقف ذلك على البحث عن أحوال الرواة، والتأكد من صلاحيتهم؛ للأخذ عنهم وضد ذلك.
وكان هذا مما حمل علماء الحديث على نقد الرواة، والتنقيب عن أحوالهم وخفايا أمورهم ، والإفصاح بما فيهم من العيوب التي تسبب عدم الثقة بأخبارهم ، من باب النصيحة للأمة.
وهذا ما يعرف بعلم الجرح والتعديل .
ثم إن من الرواة من تعرف عدالته بالشهرة، واستفاضة فضله وعلمه بين الناس فلا يحتاج إلى البحث عنه، أو طلب التزكية له، كمالك والثوري وشعبة والأوزاعي والليث والزهري ونحوهم من جهابذة العلماء، فإن ما اشتهروا به من نشر السنة، والذب عنها، والاحتياط في قبولها أعظم من تزكية أهل الجرح والتعديل لبعض الرواة، مع ما يجوز على المزكي من المحاباة والأغراض الداعية إلى وصفه بغير ما يستحقه .
وقد سُئِلَ ابن معين عن أبي عبيد فقال : مثلي يُسأل عن أبي عبيد ؟ أبو عبيد يسأل عن الناس . أما من عداهم فيلزم التأكد من أهليتهم، وذلك بالرجوع إلى كلام أئمة هذا الفن.
والأصح أنه يكتفى في الجرح والتعديل بالواحد من الأئمة المعتبرين، حيث إن أصل الرواية يقبل فيها الواحد، فكذلك فرعها الذي هو أهلية الراوي أو عدمها.
والصحيح أن التعديل يقبل ولو لم يذكر سببه، لأن أسبابه كثيرة، بخلاف الجرح فلا يقبل إلا مُفسَّرا حيث أن الناس يختلفون في أسباب الرد، فقد يعتبر بعضهم ما ليس بجارح جارحا كما روي أن شعبة ترك حديث رجل لأنه رآه يركض على برذون . وقيل للحكم بن عتيبة لِمَ لم ترو عن زاذان ؟ قال : كان كثير الكلام ، ذكر ذلك العراقي في فتح المغيث وغيره .
ولكن إذا كان الجارح من ذوي العلم والنظر في أحوال الناس ، فالأرجح الاكتفاء بجرحه وإن لم يذكر سببا ؛ وعلى ذلك سار الأئمة في مؤلفاتهم غالبا .
ثم إذا تعارض الجرح والتعديل قدم المفسر منهما ، فإن كانا مبهمين فالصحيح تقديم الجرح، لأن الجارح اطَّلع على ما خفي على المعدل الذي إنما ينظر إلى الظاهر، وإن كانا مفسرين وكل منهما نفى ما أثبته الآخر، رجع إلى الترجيح لمن هو أتم معرفة واطلاعا على أحوال الرواة ، ونحو ذلك .